كتب/ أسامة سعودى
كثير ما تطرق أذنيك عبارة« في ستين داهية» إذ يرددها البعض كتعبير عن عدم الاهتمام واللامبالاة نحو شخص أو شيء ما، لكن ما لا يعلمه الكثيرون أن لتلك المقولة أصل وقصة قديمة بدأت في العصر الجاهلي أي ما قبل الإسلام، وامتدت أحداثها بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام.
وكلمة “داهية” في لغتنا العربية مشتقة من “الدهاء” أي الذكاء الشديد، وقديما أطلق العرب على الرجل شديد الذكاء لقب “داهية العرب” وهو اللقب الذي حظي به أربعة هم: عمرو بن العاص، معاوية بن أبي سفيان، المغيرة بن شعبة، زياد بن أبيه.
وتنسب مقولة “في ستين داهية” للصحابي قيس بن المكشوح المرادي، من قبيلة “مدحج” في اليمن، وكانت تلك القبيلة في صراع دائم مع قبيلة آخرى تدعى “همدان” ، وكثيرا ما كان النصر حليف “مدحج”، فلجأت قبيلة “همدان” إلى الاستقواء بالفرس والاستعانة بهم للإيقاع بإخوانهم العرب.
وكان الفرس أهل المكر والخديعة، فنصحوا قبيلة “همدان” بأن يصنعوا مكيدة لشيوخ قبيلة “مدحج” المعروفين بالدهاء والذكاء الشديد، وأن يستدرجوهم للجلوس وعقد الصلح دون حمل السلاح وإنهاء الصراع الطويل بين القبيلتين، وانخدع الستين شيخا وداهية بزعم الصلح، حتى انقض عليهم فرسان من قبيلة “همدان” وقتلوهم.
تفرقت قبيلة “مدحج” ولم تقم لها قائمة بعد ذلك وفر أحد فرسانها وهو قيس بن المكشوح، وعندما علم بنبأ «الرسول صلى الله عليه وسلم» ذهب إلى المدينة وأعلن إسلامه.
وعندما توفى رسول الله، ارتدت كثير من قبائل العرب عن الإسلام، وخرجت الجيوش في عهد خلافة أبو بكر الصديق من المدينة لقتال المرتدين، وكان قيس بن المكشوح قائدا لأحد الجيوش المتجهة لحرب المرتدين في اليمن، وكان منهم قبيلة “همدان” الذين غدروا بقومه، فشعر قيس أن الفرصة أصبحت مواتية للثأر لشيوخ قومه الستين